اسم الکتاب : الفواتح الإلهية والمفاتح الغيبية المؤلف : النخجواني، نعمة الله الجزء : 1 صفحة : 313
في هياكلهم وَان استظهروا واستنصروا من أوليائهم ما لَهُمْ فِي الْأَرْضِ بعد انتشار دين الإسلام في أقطارها مِنْ وَلِيٍّ يعينهم ويتولى أمرهم وَلا نَصِيرٍ ينصرهم من بأس الله وعذابه
وَمِنْهُمْ اى من المنافقين مَنْ عاهَدَ اللَّهَ لَئِنْ آتانا مِنْ فَضْلِهِ مالا وأعطانا رزقا كثيرا لَنَصَّدَّقَنَّ منها للفقراء المستحقين وَلَنَكُونَنَّ بالبذل والانفاق وأداء الشكر مِنَ الصَّالِحِينَ الشاكرين المنفقين طلبا لمرضاة الله
فَلَمَّا آتاهُمْ الله مِنْ فَضْلِهِ ما طلبوا منه بَخِلُوا بِهِ ومنعوا حق الله منه وَتَوَلَّوْا عن امتثال امر الله وانصرفوا عن اطاعة رسوله وَبالجملة هُمْ قوم مُعْرِضُونَ عادتهم الاعراض عن اطاعة الله ورسوله بخبث طينتهم
فَأَعْقَبَهُمْ الله بسبب فعلهم هذا نِفاقاً راسخا متمكنا فِي قُلُوبِهِمْ مستمرا إِلى يَوْمِ يَلْقَوْنَهُ اى الله سبحانه في يوم الجزاء فيجازيهم حسب نفاقهم وشقاقهم أسوأ الجزاء ذلك بِما أَخْلَفُوا اللَّهَ ما وَعَدُوهُ من الصدق والصلاح والشكر والفلاح ونقضوا عهده وَبِما كانُوا يَكْذِبُونَ اى بكذبهم حين العهد والميثاق بلا موافقة من قبلهم
أَلَمْ يَعْلَمُوا حين هموا الى القول الكذب مع الله أَنَّ اللَّهَ المطلع لضمائرهم يَعْلَمُ بعلمه الحضوري سِرَّهُمْ اى اخلافهم الوعد عند حصول مطلوبهم وَنَجْواهُمْ اى مناجاتهم معه لا عن اخلاص ناش من محض المعرفة والايمان بالله والإقرار بربوبيته لرسوخ الكفر والشرك في جبلتهم وَلم يعلموا ايضا أَنَّ اللَّهَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ لا يعزب عن علمه مثقال ذرة لا في الأرض ولا في السماء فمن آمن بتوحيده واحاطة علمه وقدرته كيف يخرج عن مقتضى امره وأطاعته
ومن المنافقين المصرين على النفاق والشقاق مع المؤمنين هم الَّذِينَ يَلْمِزُونَ ويستهزؤن الْمُطَّوِّعِينَ المتطوعين مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فِي إعطاء الصَّدَقاتِ وَخصوصا المؤمنين الَّذِينَ لا يَجِدُونَ من الصدقة إِلَّا جُهْدَهُمْ اى يبذلون مقدار طاقتهم طلبا لمرضاة الله فَيَسْخَرُونَ أولئك اللامزون المستهزءون مِنْهُمْ اى من الذين بذلوا جهدهم في امر الصدقة قد سَخِرَ اللَّهُ مِنْهُمْ في الآخرة مجازاة عن سخريتهم هذه وَلَهُمْ فيها عَذابٌ أَلِيمٌ بدل ما تلذذوا بسخريتهم. وذلك انه صلّى الله عليه وسلّم حث المؤمنين يوما على الصدقة فجاء عبد الرّحمن بن عوف باربعة آلاف دينار وقال لي ثمانية آلاف فاقرضت ربي اربعة وأمسكت لعيالي اربعة فقال صلّى الله عليه وسلّم بارك الله لك فيما أعطيت وفيما أمسكت. واتى عاصم بن عدى بمائة اوسق من تمر وجاء عقيل الأنصاري بصاع تمر فقال بت ليلتي اجرّ بالجرير على صاعين وتركت صاعا لعيالي وأتيت بها فأمره رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ان ينثر على الصدقات تبركا فلمزهم المنافقون فقالوا ما اعطى عبد الرّحمن وعاصم الارياء وسمعة
ولقد كان الله ورسوله غنيين عن صاع عقيل ولكنه أحب ان يعد نفسه من المتصدقين فنزلت اسْتَغْفِرْ لَهُمْ يا أكمل الرسل لهؤلاء اللامزين المستهزئين المستسخرين من المؤمنين بانقاذهم من العذاب او تخفيفه أَوْ لا تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سواء عند الله في انتقامهم وعذابهم بل إِنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ لا مرة ولا مرتين بل سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ البتة لعظم جرمهم وفسقهم ذلِكَ اى عدم غفرانهم بِأَنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وأشركوا معه غيره في الألوهية مع انه منزه عن الشريك مطلقا وَرَسُولِهِ اى كذبوا برسوله وبعموم ما جاء به من عند ربه واستهزؤا بالمؤمنين المصدقين له المتصدقين في سبيل الله وَاللَّهُ الهادي لعباده لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفاسِقِينَ الخارجين عن مقتضى أوامر الله ونواهيه المسيئين الأدب مع الله ورسوله ومع المؤمنين.
ثم قال سبحانه
اسم الکتاب : الفواتح الإلهية والمفاتح الغيبية المؤلف : النخجواني، نعمة الله الجزء : 1 صفحة : 313